حازم نصر يكتب: أشرف عبد الباسط ..عطاء لا ينقطع

حازم نصر
حازم نصر

عرفته قبل أن ألتقيه بعدة سنوات ..والده المرحوم المحاسب محمد عبد الباسط كان رئيسا لمجلس إدارة بنك التسليف الزراعي بالدقهلية آنذاك والذي أصبح فيما بعد بنك التنمية والائتمان الزراعي ثم البنك الزراعي الآن .
تعرفت على الرجل في بداية عملي الصحفي في الثمانينات من خلال المجلس التنفيذي للمحافظة إبان فترة المحافظ الراحل اللواء سعد الشربيني أحد أبرز محافظي مصر والذي ترك  بصمات لازلنا نجني ثمارها  بالمحافظة .
الوالد  كان يتسم بالرصانة والحكمة الأمر الذي جعله محط مهابة واحترام الجميع ..كما لاحظت أن المحافظ يكن له تقديرا خاصا من بين أعضاء المجلس  ..ومع مرور الأيام توطدت صلتي بالرجل و تأكدت من مكانته في المجتمع الدقهلاوي خاصة وأن البنك الذي ترأسه لفترة طويلة  كان مرتبطا بمعظم أبناء المحافظة  حيث أنها المحافظة الزراعية الأولى في مصر وكان الرجل  يبذل جهودا حثيثة لحل مشاكل المزارعين خاصة البسطاء منهم وتلبية احتياجاتهم قدر المستطاع .
في تلك الفترة علمت بتفوق ابنه وحصوله على المركز الأول على دفعته بطب المنصورة ..وكان هذا التفوق كأول الأوائل على كلية الطب دليل قاطع على نبوغه  .
بعد ذلك بسنوات تعرفت على الابن حيث اكتشفت أنه  كان متميزا طوال رحلته العلمية والعملية وأن هذا التميز لم يكن وليد صدفة كما أنه لم يكن من فراغ بل  كان ثمرة جهد  لم يتوقف  يوما ما  .
كما  أدركت كم أحسن الأب الاستثمار في أبنائه بمعاونة زوجة عظيمة كانت معلمة فاضلة .
لم يكن  الابن طبيبا نابها وفائقا علميا ومتميزا أخلاقيا  فقط بل كان يتمتع بعلاقات ود مع كل زملائه ومشاركا في معظم  الفعاليات الثقافية والرياضية والخدمية  بكليته أحد  أهم كليات الطب المصرية وهي " طب المنصورة "
فقد عهد عليه زملاؤه الحصافة والرشد فكان مرجعيتهم حيث وثق به الجميع  لرزانته وحسن تدبيره للأمور .
الدكتور أشرف عبد الباسط رئيس جامعة المنصورة والذي ستنتهي فترة رئاسته للجامعة في غضون أيام لبلوغه السن القانونية .
ترددت كثيرا في الكتابة عما أنجزه طوال فترة  رئاسته للجامعة مظنة الاعتقاد بأن ذلك يأتي من قبيل المجاملة  .. لقد عاصرت الكثير من المواقف والقرارات السديدة التي اتخذها والتي تحتفظ بها ذاكرتي ـ كما تحتفظ بالكثير من مواقف وقرارات وذكريات تلك الجامعة الفريدة .. و اليوم " الأربعاء " حصلت  جامعة المنصورة على الاعتماد  كأول جامعة مصرية تحصل عليه فكان لابد من تهنئة الرجل .. فكأن القدر أراد أن يتوج جهوده بهذا الإنجاز الذي بذل جهودا مضنية لتحقيقه مع معاونيه وكتيبة من المخلصين من أبناء الجامعة  .
أشرف عبد الباسط  لمن لا يعرف أحد أهم أطباء الأطفال في مصر ويدرك جيدا قيمة مهنته وقدسيتها ..فيمارسها كحكيم  ويعتز بها ويواصل الوقوف على أحدث مستجداتها  مهما كانت مشاغله .
وكأكاديمي وباحث يعرف قيمة البحث العلمي ويبذل جهودا متواصلة  أثمرت الكثير من الأبحاث المتميزة .
وكأستاذ جامعي أقام جسور من التواصل  مع طلابه ..فكان من أكثر من يتفاعل معهم في محاضراته  ..كما أن لديه ثقة كبيرة في شباب الوطن وخاصة الأطباء منهم عن تجارب ومعايشة  حيث يحرص على إشراكهم في معظم المواقف  والفعاليات الهامة إدراكا منه  واقتناعا بحتمية  تأهيلهم لتحمل المسئوليات الجسام في كل موقع باعتبارهم  أغلى ثروات الوطن .
وكإداري تقلد معظم المناصب الجامعية الهامة لعل أبرزها وكيل كلية الطب لشئون  التعليم والطلاب ثم عميدا للكلية ثم نائبا لرئيس الجامعة ثم رئيسا للجامعة .
في كل تلك  المواقع التي شغلها أشرف عبد الباسط كان عطاؤه متميزا وترك بصمات واضحة بكل منها ..ولم يتخلى عن طباعه الشخصية الحميدة  حيث البساطة والهدوء والتفكير العميق والكلمات المقتضبة المعبرة فكان حكيما في إدارته نزيها في تصرفاته .
بالتأكيد ..اختلف البعض معه وهذا أمر طبيعي كشأن كل من يتصدى للعمل العام ..لكن أحدا  من هؤلاء  لم يختلف على نزاهته الشخصية أو نبل مقصده .
لن أتطرق بالطبع لما أنجزه الرجل بالجامعة فهو كثير وستظل ذاكرة الجامعة تحتفظ له بكل ما قدمه  كسلفه من قيادات الجامعة وعلمائها وقاماتها وأساتذتها وأعلامها .
كما أن انتهاء فترة رئاسته لا تعني أيضا توقفه عن العطاء.. بل  أثق في أن هذا العطاء  سيتعاظم  نتيجة تراكم خبراته في مسيرة يشهد له  الجميع بالتميز  ..فقط سينتقل الدكتور أشرف عبد الباسط  لمرحلة جديدة من العطاء سواء  في موقع آخر  سينتقل إليه أو كأستاذ وعالم لم يعرف  يوما ما طعما للراحة ..كما أن الروح الشابة الطموحة التي يتمتع بها والتي لم ولن تخفت .. هذا علاوة على علاقاته الواسعة بكل أطياف المجتمع والتي أقامها على جسور من  الود والاحترام المتبادل ستجعل رحلة عطائه القادمة أكثر غزارة وتميزا  .
الأخ والصديق الدكتور أشرف عبد الباسط ..شكرا على ما قدمت وننتظر منك الكثير في قابل الأيام .  
متعك الله بالصحة والعافية وأدام عليك نعمة الحكمة وهدوء النفس وراحة البال وأعانك على المزيد من العطاء لجامعتك ووطنك .